انشيء المركز الوطني لتطوير النظام الصحي لقناعة حكومة الوفاق الوطني وعلى رأسها معالي السيد رئيس المجلس الرئاسي بأهمية قطاع الصحة وأولويته في برنامج الحكومة , ولذلك أصدر القرار رقم 255 لسنة 2017 م ليكون للمركز الشخصية الإعتبارية والذمة المالية المستقلة, ليكون بذلك مؤسسة حكومية قادرة على التأثير والتخطيط للوصول لنظام صحي مستدام محوره المواطن .
وكان من المهم أن يكون المركز خارج إطار وزارة الصحة كون النظام الصحي يتشارك مع قطاعات أخرى كالتخطيط والاقتصاد والمالية , كما أن الوزارة مثقلة بوضع حلول لمشاكل الازمات المتعددة بالاضافة لتقديم الخدمات الصحية اللازمة للمواطنيين.
وللبدء في اصلاح القطاع الصحي بكامل أركانه ( الحوكمة, التمويل, تقديم الخدمة, المعلوماتية الصحية, الأدوية والمعدات ,الموارد البشرية ) و الذي يفتقر الآن الى نظام متكامل مبني على أسس متينة أساسها الحوكمة الرشيدة, و تنوع مصادره المالية واستدامتها، نظام متمركز حول المواطن، يعتمد في إدارة وتسيير المرافق الصحية المسؤلة على تقديم الخدمة على أسس اقتصادية معتمدة على اللامركزية . قام المركز بوضع مبادئي مقترحة للإصلاح و التي تتمركز حول :
- اعادة ثقة المهني الصحي في نفسه ومستواه العلمي والعملي.
- اعادة ثقة المواطن والمريض في مستوى الخدمات الصحية في ليبيا .
- التعريف الواضح لتركيبة ووظيفة المؤسسات الصحية كلا على حده
- تفادي تضارب المصالح )مثلا: التدريب والتقييم أو الامتحانات(
- الفصل بين السلطات (مثلا: تسجيل وترخيص المهنيين ومراقبتهم)
ولتحقيق هذه الرؤية بأهدافها , وضع المركز الوطني لتطوير النظام الصحي برنامج متكامل بخطة زمنية محكمة (الإستراتيجية الوطنية للصحة لثلاث سنوات 2018-2020 ) استندت على المجهودات التي حدثت خلال السنوات بين 2006 و 2008 في برنامج تطوير الصحة وما عقد من لقاءات وطرح من افكار خلال مؤتمر ريكسوس للأنظمة الصحية في اغسطس 2012 وما تبعه من انشاء لبرنامج تعزيز النظام الصحي الممول من الاتحاد الاوروبي . وأخيرا ما قام به المركز من ورش عمل واجتماعات ولقاءات أثمرت في استعراض الخطوط العريضة لهذه الإستراتيجية .
و بما أن النظام الصحي يرتكز بشكل كبير على كل من الحوكمة والتمويل وتقديم الخدمة , كان لهذه الأركان النصيب الأكبر من الإهتمام.
حيث نسعى لتحقيق الوضع النموذجي للنظام الصحي و الذي يصعب الوصول اليه .
- الحوكمة الرشيدة
مصطلح غير محدود الاستخدام في أدبيات التنميةيستخدم لوصف كيفية تصرف المؤسسات العامة والشؤون العامة في إدارة الموارد العامة من أجل ضمان حقوق الإنسان كـ : - حق المشاركة والانتخاب والتصويت
- الشفافية
- المساواة
- المساءلة والمحاسبة
- الروئ الاستراتيجية
- سيادة القانون
- الاستجابة
- الفعالية
- النزاهة
تقوم وزارة الصحة والحكومة عامة بمهمة التنظيم والرقابة عن طريق شبكة من المؤسسات المستقلة اداريا وذات الذمة المالية ولهذا تم استصدار قرارات باستحداث كل من:
- المجلس الصحي العام : الذي يتبع رئاسة الوزراء , و تكون مهامه تسجيل المهنيين الصحيين وتنظيم التعليم الطبي من حيث المعايير و الكفاءة.
- مجلس عمادة التدريب الطبي : يتبع وزارة الصحة, حيث ينظم المجلس عملية تدريب وتحضير المتدربين لاجتياز امتحانات التخصص التي يقوم بها مجلس التخصصات الطبية و يكون مجلس عمادة التدريب الطبي مسؤولا عن التعاقد مع المتدربين. كما يتميز عمل هذا المجلس باللامركزية بحيث يكون هناك عميد للتدريب في كل منطقة صحية يقوم بترقيم الوظائف التدريبية في المراكز الصحية والمستشفيات في منطقته.
- مركز اليقظة والمعلوماتية الدوائية ومراقبة السموم : مهمة المركز متابعة الادوية المتداولة وكتيباتها واعراضها الجانبية والتسمم بها كما يقوم بمتابعة الادوية عالميا وينشر ويوثق اعراض التسمم بهذه الادوية وبغيرها من السموم.
- المركز الوطني لاعتماد المؤسسات الصحية
- بالإضافة إلى المراكز الموجودة سابقا كمركز مكافحة الأمراض ومركز المعلومات ومركز القوى العاملة
- التمويل :
يعتمد النظام الصحي الجديد على تنوع مصادر التمويل لضمان الاستدامة والاستقراربدلا من ان يعتمد على مصدر واحد (النفط), لهذا تم استحداث صندوق التامين الصحي العام كاداة من ادوات التمويل المنصوص عليها في القانون رقم 3 لسنة 2005. كما يقوم المركز باستطلاع مصادر أخرى للتمويل منها على سبيل المثال لا الحصر الضرائب المختصة بالصحة والوقف الصحي وغيرهما.
أما بالنسبة لصندوق التأمين الصحي العام فهو يعتمد على اشتراك المواطنين وارباب العمل ليختص الصندوق بتغطية نسبة كبيرة جدا من التكلفة الكلية للخدمات الصحية كخدمات الطب العام و خدمات المستشفيات العامة كما صف قانون التامين الصحي رقم 20 لسنة 2010 والذي تم اعتماد لائحته التنفيذية .
وبهذا تبقى خدمات الصحة العامة الوقائية والتثقيفية وكذلك الخدمات المرجعية المعقدة والنادرة والمكلفة لتتكفل بها الدولة مباشرة من ميزانية الحكومة.
كما يجب أن يتطرق المركز لحل مشكلة مرتبات مقدمي الخدمة , من حيث :
- حل وتعريف لليوم الكامل
- حل لمشكلة العقود الكاملة والجزئية
- حل جزئي لمشكلة ازدواجية العمل
وبهذا يبقى تحدي المرحلة التنفيذية القادمة ألا وهيا:
- تقديم الخدمة :
وفي محاولة لتيسير عملية تقديم الخدمة باكثر الطرق سلاسة وبشكل لامركزي, تم تقسيم ليبيا إلى ستة مناطق صحية متكاملة كحد أدنى يكون فيها التمويل مركزيا وذلك لتجميع المخاطر والعدالة في تمويل الخدمات, بحيث تكون كل منطقة صحية صغيرة كفاية بحيث تكون ادارتها ممكنة ويسيرة وكبيرة كفاية لتكون متكاملة وقابلة لتقديم الخدمة التي قسمت إلى ثلاث مستويات.
و تكون مستويات تقديم الخدمة الصحية كالآتي :
- الرعاية الصحية الاولية:
– وحدات= الصحة العامة
– مراكز= طب الاسرة (الطب العام)
– مجمع صحي= مركز + خدمات اخرى
- المستشفيات:
– القروية= 40 – 100 سرير (5 تخصصات اساسية)
– العامة = 100 – 250 سرير ( بعض التخصصات الدقيقة)
– المركزية = 250 – 600 سرير ( معظم التخصصات الدقيقة)
- المستشفى المرجعي: (الجامعي/ المراكز التخصصية)
وستبدأ التجربة الاسترشادية على المستوى الاول من الخدمات والتي ستقام في اربعة مجمعات صحية بالاشتراك مع مؤسسة الرعاية الصحية الاولية بوزارة الصحة وشركة صحتي التابعة لصندوق التامين الصحي العام وتنفيذها على العاملين بقطاع التعليم بالتدريج.
و بذلك نصل إلى مشاريع المرحلة القادمة لتطبيق الاستراتيجية بعد ان تكونت ادوات التغيير في كل من الحوكمة والتمويل وتقديم الخدمة. وهي :
- مشروع الصحة الالكترونية.
- تعاقدات مشاركة القطاع العام والخاص
- التجربة الاسترشادية
د. سمير صقر